أصبحتُ معتادة على تلك الساعات التي أقضيها بمفردي , لم أعد أتعجب لماذا أستطيع
الكتابة عن كُل شيء و لأي شيء ؟
لماذا أصبحتُ " أديبة " , " محللة أجتماعية " , " مفكرة سياسيّة " و
" مفسرة أحلام " ؟
إنها الوحدة الجميلة . أحببتها مؤخراً و أيقنتُ بان لا رفيق سواها وفيّ . الغريب في الأمر
بأني أكره الوحدة ولطالما صرحتُ بأنها أسوأ ما وجد بالحياة , ولكم أنصح
كُل من حولي بضرورة الخروج و الذهاب و الاختلاط بالأخرين , لكن المفاجأة /
إني أقضي ساعات طوال بمعزل عن الاخرين , لا أصادق الا شاشة تلفازي ,
جهاز الحاسوب , ومجموعة من الكُتب و مؤخراً . . جهاز هاتف ذكي " بلاك بيري " .
حين أنوي الاستيقاظ مبكراً , يكون نهاري ضاج بـ مجموعة برامج قديمة ,
بدءاً من أفلام الكارتون لمسلسلات كويتية قد نقشت في الذاكرة .
انه صباحيّ المستيقظ , ذلك الصباح يعشقه كُل من يقرأ كلماتي التي تصفه , كوب
الشاي الساخنْ , أنغام قديمة , مقالات مجنونة من هنا و هناك . . حقائق علميّة
و كُل فكرة تخطر للجميع ولا يجدون الجرأة لقولها .
لكن . . لم يلحظ اي شخص بأن الأوجه تغيب كثيراً عن صباحيّ ,
لا توجد أي روح تصحبني . . فقط روحي .
تلك اليال التي أأنس فيها لمصاحبة القمر و النجوم , أزينها بكل صخب و جنون ,
و قراءات و كتابات . . و قصص مخيفة و دراميّة و محزنة و مضحكة أيضاً . أغوص
في عادات الشعوب , و خرافات الأساطير , و كل الثقافات المختلفة . . يجدني
الأخرين بأني تلك التي " سقطت من السماء " لتجلب لهم الحياة كاملة على طبق
صغير يلتهمونه بسرعة ولذه , فكُل شيء تتطرق له و تشاركنا برحله
قصيرة معه . . لكن بلا رفاق !
كذلك . . تغيب الرفقة الصالحة في ليليّ الحالك .
المساءات التي أصليّ دائماً بقائها , كُلها تضج بي فقط . . ولا اعلم لماذا أتوق لبقائها ؟!
على الرغم من ان الساعات التي ستليها ستكون ملكيّ وحدي كذلك !
ربما ما يمتاز به المساء من اروستقراطية شعور توازن بين كفتيّ اليوم و الليلة . !
سألني الكثير ماذا فعلتِ ليلة البارحة ؟
و كرر سؤاله اليوم الذي يليه و الذي يليه . . فكانت ذات الاجابة .
الغريب بأنهم لازالوا يسألون عن كيفية قضائي ليوميّ , واجابتي الرزينة لا تغير رأيها
. . وتبدأ بسرد أحاديث كثيرة كلها في ذات الحيز . انها ساعاتي التي أحببتها ,
وحدتي الوفيّة و الصادقة التي لا تتخلى عنيّ .
ناكرة أنا للجميل جداً , فكل يوم أندد بأن سعادتي لا تتفضل بها ساعات العزلة
وانما كوني " منفتحة و اجتماعية " و كثيرة الاختلاط و الضجيج مع الاخر ؟
حتى أنا لا أستحق وفائها لي . . اعذريني يا عزلتي , يا صديقتي الوفيّة . .
نكرتُ كل جمالك , و وهبته لأعدائك ,
سأعترف بالحقيقة . . والله لايوجد مثيل للعزلة التي أعيش والله رائعة , والله .